20.09.2025

المقهى الاقتصادي: الصحة النفسية في العمل

أصبحت مسألة الصحة النفسية في العمل اليوم تحتل مكانة مركزية في النقاشات حول رفاهية العاملين/لات وأداء المؤسسات. فبعد أن كانت لفترة طويلة مسألة ثانوية، باتت اليوم قضية محورية تقع عند تقاطع الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية.


وفي هذا السياق، دعت مؤسسة فريدريش إيبرت – الجزائر الأستاذة نورة عكيف، أستاذة في طب العمل والأمينة الوطنية في الاتحاد العام للعمال الجزائريين (UGTA)، لتسليط الضوء على موضوع الصحة النفسية والتوتر المرتبط بالعمل. وقد أجابت الأستاذة عكيف على العديد من انشغالات وأسئلة الحضور خلال الندوة.

وبحسب الأستاذة عكيف، يمكن تصنيف أسباب التوتر المهني وتدهور الصحة النفسية في العمل ضمن عدة فئات من عوامل الخطر. من بين أبرزها: البيئة الاجتماعية والاقتصادية والمادية والتقنية للمؤسسة، تنظيم العمل ومتطلبات المهام المنجزة، بالإضافة إلى العوامل النفسية والاجتماعية المرتبطة غالبًا بجودة العلاقات المهنية والمناخ الاجتماعي داخل المؤسسة. ويرى المعهد الوطني للبحث حول ظروف العمل أن التوتر المهني مضر ومكلف في الوقت نفسه — للعاملين والعاملات، لأسرهم، ولأرباب العمل وللمجتمع بصفة عامة.

ويمكن أن تمثل الوقاية أحد الحلول الأكثر فعالية للتقليل من هذه التكاليف وتوقع المخاطر من خلال معالجة أسباب سوء الحالة النفسية في مراحلها الأولى: تحسين ظروف العمل، وتكوين الإطارات في أساليب التسيير الإنساني، وتعزيز الحوار الاجتماعي، وإنشاء آليات للإصغاء والدعم النفسي.

تبقى رعاية الصحة النفسية في بيئة العمل محدودة في الجزائر. فعلى الرغم من أن قانون العمل يشير إلى الشروط العامة للسلامة والوقاية من المخاطر، إلا أن البعد النفسي نادرًا ما يُؤخذ بعين الاعتبار بشكل خاص.

اليوم، أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى تحديث التشريعات وآليات الحماية القانونية للصحة النفسية لمواجهة التحديات الجديدة في القرن الحادي والعشرين. فالتطور السريع للذكاء الاصطناعي، الذي يُحدث تحولات عميقة في عالم العمل ويهدد العديد من القطاعات، قد يؤدي إلى بطالة واسعة النطاق في مجالات مختلفة. وفي الوقت نفسه، يشكل التغير المناخي تحديًا كبيرًا آخر أمام الفئات النشطة، إذ تؤثر انعكاساته على ظروف العمل من خلال ارتفاع درجات الحرارة، والمخاطر الصحية، وتدهور البيئة، مما يستدعي تكييف الأطر المهنية بشكل عاجل. لذلك أصبح من الضروري إعادة التفكير في سياسات العمل لضمان صحة نفسية وجسدية جيدة للعاملين/لات، وخلق بيئات مهنية أكثر أمانًا ومرونة وإنسانية.

تهدف الندوة حول الصحة النفسية في العمل إلى المساهمة في كسر حاجز الصمت حول هذا الموضوع، وزيادة الوعي، وتشجيع الحوار بين مختلف الفاعلين: أرباب العمل، والعمال/العاملات، والمؤسسات العمومية، والخبراء في مجال الصحة، والمنظمات الاجتماعية. فتعزيز الصحة النفسية في العمل ليس مجرد مسألة رفاهية فردية، بل هو أيضًا عامل أساسي في تحقيق التماسك الاجتماعي والإنتاجية المستدامة والعدالة الاجتماعية.

مؤسسة فريدريش إيبرت
مكتب الجزائر

كولون فواغول, 21 شارع الإمام الغزالي
المرادية ,الجزائر العاصمة

71 36 47 23 213+
info(at)fes-algeria.org

أعضاء المكتب/الإتصال